كتبت الجارديان عن السياسة الأمريكية، حيث أظهرت الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مفاوضين من حماس في قلب الدوحة أن البيت الأبيض بدا عاجزًا عن وقف التصعيد الذي ادعى دونالد ترامب وحده أنه قادر على الوساطة فيه.
كشف تسريب تفاصيل التحركات الدبلوماسية قبل الغارة غير المسبوقة أن واشنطن لم تملك تأثيرًا حقيقيًا في قرار تل أبيب فتح جبهة جديدة داخل قطر، الحليف الأمريكي الذي كان يستضيف محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، بعد أيام فقط من إعلان ترامب أنه اقترب من اتفاق. ووفق الجارديان، بدا المشهد تكرارًا لمفاجآت يونيو، عندما قصفت إسرائيل أهدافًا عسكرية ونووية إيرانية وعرقلت مساعي واشنطن لإحياء الاتفاق النووي.
أكد مسؤولون في إدارة ترامب أن التحذيرات حول الضربة على قطر وصلت متأخرة، إذ لم يتلقَّ الأمريكيون إخطارًا فعليًا إلا بعد انطلاق مقاتلات "إف-16" الإسرائيلية نحو الخليج. ورغم الجدل حول مستوى التنسيق المسبق، أبلغت واشنطن الدوحة بالهجوم بعد عشر دقائق فقط من بدايته، بحسب ما صرّح به رئيس الوزراء القطري.
قال ترامب في بيان إنه وجّه مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف لإخطار القطريين بالهجوم، "لكن للأسف جاء ذلك متأخرًا لمنع الغارة". ووجد البيت الأبيض نفسه ظهر الثلاثاء عالقًا بين مسارين متناقضين: دعم إسرائيل في حربها ضد حماس من جهة، والسعي إلى ترميم علاقاته مع قطر، الحليف الإقليمي الأساسي، من جهة أخرى.
أظهر هذا التوازن الهش في مؤتمره الصحفي، حيث أدلت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت بتصريحات مزدوجة، إذ شجبت الضربة باعتبارها انتهاكًا لسيادة قطر، لكنها أضافت في الوقت ذاته أن "القضاء على حماس هدف مشروع". وجاء رد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أكثر حدة، واصفًا القصف في قلب الدوحة بـ"إرهاب الدولة".
أشارت الجارديان إلى أن الضربة قد تنسف مسار الوساطة القطرية، الذي استمر ما يقارب عامين، إذ أكد الشيخ محمد أن "المحادثات الراهنة لم تعد صالحة بعد ما حدث اليوم". وعلّق ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية قائلًا إن قطر بذلت جهودًا كبيرة لإطلاق سراح رهائن إسرائيليين "لكنها كوفئت بقصف على أراضيها"، محذرًا من أن استئناف الدوحة لدورها يبدو أمرًا شبه مستحيل.
اقترح كوك أن مصر قد تملأ الفراغ كوسيط محتمل، لكنه أشار إلى أن المهمة "غير مجدية" في ظل غياب إرادة حقيقية لدى كل من حكومة نتنياهو وقيادة حماس. كما تساءلت راشيل براندنبورج، المديرة التنفيذية لمنتدى السياسات الإسرائيلية في واشنطن، عن نوايا نتنياهو قائلة: "إذا كان جادًا في إنهاء الحرب عبر التفاوض، فلماذا يستهدف قيادات سياسية منهمكة في التوسط؟".
ورغم الشكوك حول حياد قطر وتأثيرها على حماس، ترى براندنبورج أن أي عملية تفاوض تحتاج إلى وسيط و"الضربة جعلت هذه المعادلة أكثر تعقيدًا". وتذكّر الجارديان بأن قطر وجدت نفسها في مرمى النيران أيضًا عقب الضربات الأمريكية ضد منشآت نووية إيرانية في يونيو، عندما تعرّضت لرد صاروخي إيراني تصدّت له الدفاعات الأمريكية.
من جهته، حاول ترامب طمأنة القيادة القطرية، إذ قال إنه تعهّد لرئيس الوزراء والأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بأن "الأمر لن يتكرر". لكن إسرائيل أوحت بخلاف ذلك، إذ صرّح سفيرها لدى الأمم المتحدة داني دانون خلال جلسة طارئة دعت إليها الجزائر: "لن يكون هناك حصانة للإرهابيين، لا في غزة ولا في لبنان ولا في قطر".
بهذا، تُظهر الوقائع أن البيت الأبيض بدا مهمشًا في لحظة فارقة، يتأرجح بين حماية تحالفه مع إسرائيل واحتواء الغضب القطري، فيما تظل احتمالات استمرار الوساطة في مهب الريح.
https://www.theguardian.com/world/2025/sep/10/trump-us-israel-hamas-strike-qatar
https://www.theguardian.com/world/2025/sep/10/trump-us-israel-hamas-strike-qatar